Mustafa Hamido

mustafahamido.itgo.com

 

Archive

 

Contact Us

 

About Us

   

Tuesday, 27 April 2004

 

Main Menu

Archive

About Us

Contact Us

 

 

 

 

 

Info Box #1

 

 

 

 

 

 

 

 

Info Box #2

.

 

 

 

 

 

 

 

Info Box #3

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملف خاص

 

 ربيع القامشلي والامتحان الوطني

بقلم: سليمان يوسف يوسف *

أخبار الشرق - 23 نيسان 2004

تبدو الجزيرة السورية، حزينة كئيبة، على غير عادتها، في مثل هذه الأيام من كل عام، التي تستقبل فيها أعياد الربيع "أعياد الطبيعة والآلهة والإنسان"، (نيروز) الكردي، (أكيتو) الآشوري، (الفصح) المسيحي، الجلاء السوري. فبعد الأحداث المؤلمة التي شهدتها القامشلي وبعض مدن الجزيرة يومي 12 و13/3/2004، ذلك على خلفية مباراة بكرة القدم بين نادي الجهاد (القامشلي) ونادي الفتوة (ديرالزور)، وما تركته من آثار سلبية على المزاج العام في المجتمع؛ ألغيت معظم مظاهر الاحتفالات والفرح بهذه الأعياد. وعلى أثر هذه الأحداث تحولت القامشلي، الراقدة باطمئنان وأمان في سهول الرافدين الخضراء، إلى مركز اهتمام ومحط أنظار العالم، وشهدت نشاطات ولقاءات سياسية ومشاورات مكثفة بين مختلف القوى والفعاليات الكردية والآشورية والعربية، سعت جميعها إلى التهدئة والتخفيف من حالة الاحتقان، وقد شارك في هذه اللقاءات وفد المنظمات الأهلية، الذي قدم إلى القامشلي للمساهمة بدوره الوطني في التخفيف من الآثار السلبية لهذه الأحداث على الوحدة الوطنية، وقد ضم الوفد (ناشطين من لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن الجمعية السورية لحقوق الإنسان ومن لجان أحياء المجتمع المدني).

من دون الدخول في سجال طويل حول من البادئ والمسؤول عن أحداث القامشلي، أبدأ من حيث أجمع معظم الحاضرين في الملعب، على أن السبب المباشر للأحداث هو اطلاق شعارات استفزازية ورفع صور لشخصيات ورموز عراقية (عربية وكردية) من قبل جمهور الفريقين، على خلفية مواقف سياسية وانتماءات قبلية عرقية/ إثنية، أساءت، جميعها، للكرامة والسيادة الوطنية. لكن ما حدث لم يكن مفاجئاً في أجواء الاحتقان القومي والاجتماعي التي بدأت مع تطبيق سياسية التعريب في سورية، منذ وصول القوميين العرب إلى الحكم في الستينات من القرن الماضي، ومضايقة القوميات غير العربية، من آشوريين(سريان/ كلدان) وأكراد وأرمن، وتراكمت هذه الاحتقانات، مع استمرار حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سياسية الاستعلاء القومي وتهميش الأحزاب والقوميات الأخرى وتجاهل حقوقها التي تندرج في اطار حقوق المواطنة وحقوق الإنسان، إلى جانب تأثيرات الحالة الراهنة في العراق، الواقع تحت الاحتلال، على الوضع السوري عامة والجزيرة خاصة، التي تشكل تكويناتها القومية ومكوناتها الثقافية والاجتماعية المحرك الأساسي للحياة السياسية فيها، في ظل كل هذا، ما حدث في القامشلي ومدن الجزيرة السورية كان متوقعاً أن يحدث. لقد أخطأ الجميع، منذ البداية، في تعامله مع المشكلة، بدءاً من القائمين على المباراة والجهات المسؤولة عن حفظ الأمن والنظام في المحافظة، باستخدامها السلاح وإطلاق الرصاص في الهواء لتفريق الجماهير الغاضبة والذي تسبب بوقوع قتلى.

لا أعتقد أن (القوى الكردية) كانت قد خططت مسبقاً لمثل هذه الأعمال، كما يذهب البعض، لكن تسارع الأحداث بالشكل الدراماتيكي الذي حصل في اليوم الثاني 13/3 وامتداد التظاهرات الكردية لجميع المناطق والمدن التي يتواجد فيها أكراد هو مؤشر على أن بعض التيارات السياسية في الحركة الكردية، خاصة تلك التي هي خارج سورية، أرادت استثمار وتوظيف الحدث لغايات سياسية قومية وحزبية في هذا الظرف السياسي الذي تمر به سورية والمنطقة. لذلك حرفت الأحداث عن مسارها الطبيعي وبالغت فيها إلى درجة تم تصوير واعتبار، أعمال الشغب والتخريب التي حدثت في القامشلي وبعض مدن الجزيرة، على أنها مقاومة أو انتفاضة كردية لقوات احتلال أو مستعمر طالبت بخروجها من ما يدعونه (كوردستان سورية)، واقتحم بعض الأكراد السفارة السورية في بروكسل ورفعوا العلم الكردي فوقها.

وتمثل خطأ (القوى الوطنية) في (الحركة الكردية السورية) بتركها الساحة الكردية مفتوحة للمتطرفين والغوغائيين من الأكراد المتحللين من كل شعور وطني، الذين حولوا تشيع القتلى من الأكراد إلى مسيرات وتظاهرات رفعت فيها شعارات قومية سياسية هوجاء، استقوت بالخارج، وحرق فيها العلم الوطني ورفع علم كردستان، كما خلت، هذه المسيرات، من الأعلام والشعارات الوطنية التي تدعو للتآخي القومي والعيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد على أرضية الوحدة الوطنية. فبدلاً من أن تظهر (القوى الوطنية الكردية) قائدة فاعلة، بدت منقادة خلف شعارات قومية متطرفة، انطوت على نزعة انفصالية واضحة، ما خلق، لدى مختلف قوى (الحركة الوطنية السورية)، شكوكاً في المواقف الوطنية للحركة الكردية وتخوفاً من سياساتها القومية. لهذا أرى أنها (القوى الوطنية الكردية) السورية، مطالبة بإدانة وشجب، بشكل واضح وصريح، كل هذه الممارسات والشعارات، التي مست بالوحدة والسيادة والكرامة الوطنية، خاصة مصطلح(كوردستان سورية)الذي يتنافى مع تاريخ الجزيرة السورية، ماضياً وحاضراً ويتعارض مع ثوابتنا الوطنية، وأن تعيد هذه القوى الكردية تأسيس خطابها القومي وبرامجها السياسية على أسس وطنية، واضحة وثابتة، لا تقبل الشك والتأويل.

لا شك أن ما شهدته الجزيرة السورية كان أحداثاً مأساوية مؤلمة أوجعت الوطن والمواطن معاً وضعت الجميع في سورية أمام امتحان وطني حقيقي، لهذا نتمناها عابرة وعبرة، عابرة في تاريخ سورية لا تتكرر، وعبرة تدفع الجميع للتحرر من الفكر القومي المنغلق والمفهوم الضيق للقومية، والخروج من شرنقة الهويات العرقية والإثنية القاتلة والتخلي عن الخرائط السياسية والأحلام القومية التي لا بد من أن تتحول على أرض الواقع إلى كوابيس مرعبة تمزق هويتنا السورية وتهدد وحدتنا الوطنية، فمن الأخطاء القاتلة أن يحول البعض خلافه مع السلطة إلى خلاف مع الوطن.

الجميع، في سورية، مطالبون بإعادة النظر في خطاباتهم القومية وبرامجهم السياسية على أرضية الوحدة الوطنية وقبول الآخر، في اطار (هوية وطنية) يتوافق عليها الجميع، تعكس/ تعبر عن التعددية القومية والدينية والثقافية التي يتميز بها المجتمع السوري.

كما نأمل أن تدفع هذه الأحداث (القيادة السورية) للوقوف بجدية على أسباب ما حدث، وعدم الاكتفاء بالحلول الأمنية، والتعاطي بموضوعية وواقعية مع كل المسائل الوطنية، ومنها مسألة (حقوق القوميات)، تمهيداً لحلها على أرضية الوحدة الوطنية والديمقراطية، والإسراع في عملية الإصلاحات السياسية والديمقراطية والاهتمام بمنطقة الجزيرة من حيث التنمية الاقتصادية والعلمية والخدمات الاجتماعية والصحية. إن تحصين الوحدة الوطنية تستدعي توطيد أواصر العلاقة بين القومية العربية الغالبة والقوميات الأخرى، من أكراد وآشوريين وأرمن وغيرهم، ذلك من خلال الإقرار بهذه التعددية والاعتراف بحقوق متساوية للجميع في الوطن السوري، فمن الخطأ والخطورة أن تبقى سورية دولة لقومية واحدة وبثقافة ولغة واحدة ولحزب واحد ولدين واحد.

أخيراً:

عادت الحياة إلى طبيعتها في القامشلي، وباقي مدن وبلدات الجزيرة السورية، لكن ستبقى هذه الأحداث المؤلمة، بدلالتها السياسية وخلفياتها الثقافية، وبما حملته من مخاطر فتنة داخلية، محفورة في الذاكرة السياسية والاجتماعية للشعب السوري عامة والشعب الآشوري(سريان/ كلدان) خاصة، الذي يشكل العمق التاريخي والحضاري، ليس للجزيرة السورية فحسب، وإنما لكل سورية، وقد حولته الصراعات العرقية في المنطقة إلى أقلية قومية ودينة، فهو - الشعب الآشوري - أكثر شعوب سورية شعوراً بالظلم والغبن والحرمان.

ويبقى أملنا كبير بأن تبقى الجزيرة السورية، بطيفها القومي والثقافي والديني والسياسي المتنوع، رمزاً للتآخي والتعايش المشترك بين كل ألوان هذا الطيف السوري وعنواناً لوحدتنا الوطنية.

__________ 

* كاتب آشوري سوري مهتم بمسألة الأقليات - القامشلي

 

       

 

 

 

Web Update



 

 

The map of Syria

 

  

 

 

New articles

 

 

Copyright 2003 Aleppous services. All Rights Reserved.